هذه خطتنا لمواجهة الإسلاموفوبيا في الدنمارك

إن ظاهرة الإسلاموفوبيا التي كانت تقتصر على الطبقة السياسية عند حلول موعد الاستحقاقات الانتخابية في الدانمارك وفي الدول الاسكندنافية عموما أصبحت واقعا معاشا في الشارع الدانماركي وتعاني منه النساء المسلمات المحجبات والمؤسسات والمراكز الإسلامية، وهي الظاهرة التي تتغذى حسب من مواقف الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة .
تضم الدنمارك حزبين يمينيين متطرفين ممثلَين في البرلمان والتي تقود حملات ضد الإسلام والمسلمين بما فيها الدعوة الى إصدار قوانين مناوئة للوجود الإسلامي في الدانماركي، ونستذكر مواقف اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب الأوروبية والتي أدانت في عدد من المناسبات الدانمارك بسبب تزايد خطاب الكراهية والتمييز ضد الإسلام والمسلمين، والذي كان آخره تقرير اللجنة الذي وصف ظاهرة الإسلاموفوبيا في الدانمارك ب ” الظاهرة المقلقة ” والتي يعاني منها المواطنون من أصول مسلمة أو ينتمون الى بلدان غير غربية.
بعض الإحصائيات التي تروج لها الأحزاب اليمينية المتطرفة تهدف إلى تخويف المجتمع الدانماركي بشأن الوجود الإسلامي في الدنمارك وبعض المجتمعات الأوروبية ومنها الادعاء بوجود مخطط ل ” أسلمة الدنمارك ” مع حلول 2035، بسبب ارتفاع نسبة الإنجاب في صفوف المسلمين مقارنة مع الدانماركيين، وبأن نسبة المسلمين في مدينة هامبورغ الألمانية مع حلول 2030 ستصبح 60 في المائة من الساكنة.
إن ردود أفعال الجاليات المسلمة إزاء الحملات والإساءات التي يقودها اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين، مثل حرق القرآن من طرف المتطرف راسموس بالودان، أعطت صورة سيئة عن المسلمين، وتجاهل إساءاته المتكررة ضد الإسلام والمسلمين بتوجيه المؤسسات الإسلامية في الدانمارك جعلته ينتقل الى السويد، وهناك حصلت العديد من الأحداث المؤسفة ردا على إساءات راسموس بالدوان (إحراق سيارات الشرطة، إحراق المؤسسات العمومية، مقرات الشرطة..) الأمر الذي تسبب في بروز انقسام داخل المجتمع السويدي بشأن تواجد الجاليات المسلمة، وقد يتسبب الأمر في الويلات ضد المسلمين من خلال استصدار قوانين ضد الإسلام وضد المسلمين في هذه الدول في القادم من الأيام، ولا بد للجاليات المسلمة تجنب الانجرار وراء إساءات اليمين المتطرف للإسلام والتي تغذي خطابه المتطرف في صفوف المجتمعات الاسكندنافية.
إن الأدوار التي تضطلع بها المؤسسات الإسلامية في الدانمارك في إبراز حقيقة الإسلام ومناهضة ظاهرة الإسلاموفوبيا تكون من خلال عقد العديد من المؤتمرات التي تتمحور حول المفهوم الصحيح للإسلام وتقديم بعض الإحصائيات التي تبرز الوجه المشرق للجاليات المسلمة في الدانمارك وتموقعها ضمن خريطة الأعمال الراقية في المجتمع الدانماركي (دكاترة، مهندسين..) وتقديم نسب مساهمتها في في الدخل القومي للدانمارك والتي تعد جد مرتفعة، بالإضافة الى ترجمة عدد من الكتب التي تبرز دور المسجد الذي يعتبر نقطة سوداء بالنسبة للمجتمعات الاسكدنافية، وتنظيم يوم مفتوح للمسجد سنويا يتم من خلاله استقبال بعض الشخصيات المؤثرة في المجتمع الدانماركي لإبراز الفهم الحقيقي للإسلام وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة للساسة الدنماركيين الذين أصبحوا يميزون حاليا بين الإسلام والإرهاب، ونذكر رسائل الاحتجاج التي بعثتها المؤسسات الإسلامية إلى رئيس الحكومة الدانماركي سنة 2019 عند إحراق القرآن، حيث قام رئيس الحكومة على إثر ذلك بنشر تغريدة في ” تويتر ” يستنكر فيها إحراق القرآن ويندد بما أقدم عليه راسموس بالودان الذي يسعى إلى تقسيم المجتمع الدانماركي، بالإضافة الى فتح حوارات مع الأحزاب الدانماركية حول ظاهرة الإسلاموفوبيا.
أصبح المجتمع الدانماركي حاليا يميز بين الإرهاب والإسلام وأصبح له فهم سليم للإسلام والمسلمين، كما أصبح الإعلام الدانماركي يفرق أيضا بين الإسلام وبين الأعمال الإرهابية.